المؤسسة الاقليمي بإيطاليا، ومنها تعلمت الكثير. ومن أهم ما تعلمت فيها هو كيفية التواصل مع القطاعات الدولية المختلفة، خاصة في المجال النفطي".
ترك عساف السالم عمله في شركة البترول الكويتية العالمية، وهي احدى الشركات التابعة لمؤسسة البترول الكويتية. كان مقتنع بأن يكون مستقلاً في العمل الحر والابتعاد عن قيد الوظيفة راغباً في خوض تجربة التجارة التي عشقها بالوراثة.
استطاع عساف السالم، أحد رجال الأعمال الشباب في الكويت، وهو المالك والرئيس لشركة "ثروة" للتجارة العامة، أن ينحت اسمه في عالم التجارة في مجال صيانة المنشآت النفطية حتى أصبح اسماً لامعاً في السوق الكويتي.
وبالرغم من كثرة الصعوبات التي يمر بها العمل في هذا المجال التنافسي الحاد، إلا أن تلك المعوقات لم تشكل سبباً في قتل طموحه وآماله التي ليس لها سقف محدد، حيث أنه يؤمن بأن المثابرة والتفاؤل مهمان لتخطي الصعاب.
وهنا بقية الحوار:
لماذا قررت الرحيل من القطاع النفطي؟
كان من المخطط في عام 2005 أن أتوجه للعمل في القطاع الخاص، ومن هنا جاءت الفكرة لتأسيس شركة جديدة خاصة تمثل شركات وتقنيا عالمية ومتقدمة التي يمكن أن تفيد القطاع النفطي والبيئي في الكويت. كانت أوضاع السوق في تلك الفترة مشجعة جدا ومحفزة على المغامرة والنجاح، حيث استفدت من انتشار الشركات الأسيوية واحتكارها لتنفيذ المشروعات الكبرى في الكويت وكونها المتحكم الوحيد في الأسعار. بداية الانطلاق كانت في الشركة (ثروة) من خلال الاستعانة بالشركات الهندية وكنت أول من أدخلها للسوق الكويتي، وذلك نظرا لنجاحهم في تنفيذ مشاريع كبرى في السعودية والإمارات. ونجحنا في الحصول على ممارسات كبرى في مشاريع تخص شركة البترول الوطنية الكويتية على ممارسات واعتمادات كبرى المتعلقة بمستودع بنزين مطار الكويت والأنابيب المتصلة به، كما تم التعامل مع شركة نفط الكويت من خلال مشاريع بيئية.
ما هي المكتسبات التي حصلت عليها خلال عملك في شركة البترول الكويتية العالمية، وكيف ساهمت في نجاحك؟
نجحت في تكوين صداقات وعلاقات متميزة استمرت معي حتى الأن، إذ عملنا معاً بروح الفريق الواحد لمصلحة الكويت وتمثيلها أفضل تمثيل في المحافل الدولية ومكاتب المؤسسة الإقليمية، فقد كانت تجربة ايجابية تعلمت منها الكثير. وعلى سبيل المثال، أفخر بأنني كنت ممثلا لإدارة الاستثمار (Treasury) في مكتب المؤسسة بلندن ثم انتقلت لمكتب المؤسسة في ايطاليا، حيث اتقنت هناك اللغة الايطالية، علاوة على الدورات التدريبية التي وفرتها الشركة. كل هذه الأمور ساعدت في رسم معالم التحدي واجتياز الطريق.
لماذا اسميتها ثروة؟
اخترت أن يكون اسم الشركة ذو دلالة على أن الكويت تمتلك ثروات طبيعية حيث تتوافر المسطحات المائية البحرية والبيئة الصحراوية والنفط، إذ تعد الكويت من الدول ذات الموقع الاستراتيجي، لذلك اخترت اسم (ثروة). مهمة شركة الثروة هي الإخلاص نحو بيئة دولة الكويت من خلال جلب التقنيات العالمية وجعلها محلية. الدائرة التجارية في شركة نفط الكويت تقدم المزيد من الدعم للشركات المحلية مثل شركة الثروة في مجال الاعتمادات وتقدر وتسهل منظومة Technology transfer. هذا يؤدي الى التكاتف الناجح ما بين الشركات المحلية والعالمية وشركة نفط الكويت في إنجاز المشاريع الصعبة والضخمة.
ذكرت أنك تعاملت مع شركة نفط الكويت، فما هو صميم عملك معهم؟
نعم، هناك مشروع بيئي بالتعاون مع شركة نفط الكويت، وهو أول وأكبر مشروع بيئي في تاريخ الكويت لمعالجة النفايات التي خلفها الغزو العراقي الغاشم. حيث يوجد في حقل برقان كمية نفط هائلة مسربة تعادل عشرة أضعاف كمية النفط المسرب في خليج المكسيك المعروف عالميا والتابع لشركة بريتش بتروليوم البريطانية.
ونحن بفضل الله نمتلك تكنولوجيا عالمية بمواصفات عالية التقنية لمعالجة تلك النفايات، حيث انشأنا مصنعا به 35 آلة للتعامل مع النفايات بطرق أمنة، وحاليا جاري معالجة التربة وفق المعايير العالمية. ويطيب لي أن أشير الى مشروع أخر لتنظيف الرمال النفطية فيما يعرف ب Seed Project.
وتكمن أهمية المشروع في كونه أول مشروع بيئي ينفذ في دولة الكويت، فقد كنا أول من يتخذ خطوة الاستثمار في المشاريع البيئية، وذلك لأنه قيمة مضافة لحماية البيئة الكويتية من النفايات المسرطنة وما تسببه من أمراض للمجتمع، لذا فإن الهدف البعيد من معالجة هذه التربة هو الحفاظ على البيئة الكويتية وأبنائنا والأجيال القادمة. نقوم بهذا المشروع بالتعاون مع قسم التربة في شركة نفط الكويت ويذكر ان هذا القسم متفهم جدا للصعوبات التي مرأنا فيها في بداية المشروع ووفروا لنا كامل الدعم حتى نصل الى المرحلة التي نحن فيها الآن ونحن واثقون بأننا سنحقق غاية الجميع وهي توفير مصنع متكامل يستطيع أن يعالج كافة أنواع الملوثات في التربة ومعالجة الأنهر النفطية. غايتنا الموحدة هي الدافع لكل شخص يعمل في هذا المشروع وهي بيئة كويتية سليمة لنا وللأجيال القادمة.
بالطبع لم يكن هذا المشوار الطويل والفريد في نوعه سهل، فكيف استطعت مواجهة التحديات؟
بالفعل واجهنا العديد من التحديات، أذكر منها تحدي استخراج رخصة الشركة (ثروة) من وزارة التجارة في مجال صيانة المنشآت النفطية، إذ استغرق عمل الحصول على الرخصة وقتاً طويلاً إلى أن نجحنا بإتمام ذلك بعد جهد كبير عام 2012. وكان نشاطنا قبل ذاك العام يتركز على توريد المصافي والأنابيب النفطية. وفي عام 2012 قررنا التوجه إلى المشاريع البيئية، علاوة على تحدي ادخال المعدات للميناء التي استنفذت الكثير من الجهد الذي تمثل في إجراء الاتصالات والتنسيق مع الهيئة العامة للصناعة ووزارة التجارة والهيئة العامة للبيئة وغرفة التجارة وشركات الشحن والنقل الجوي والبحري. كانت جميعها أمور صعبة جدا. ومن أكبر التحديات التي واجهت " ثروة" أيضاً كان تحدى التمويل، ولكن لإصرارنا وايماننا بأهمية المشاريع البيئية اعتمدنا على النفس والتمويل الذاتي، وذلك بعد فشل الحصول على تمويل الهيئات والجهات الحكومية المحلية المعنية نظراً لعدم قناعتهم بجدوى المشروع في بداية الأمر.
من اين استمدت ذلك الحافز لاستكمال المشوار رغم كل هذه التحديات؟
من سيرة وتاريخ العائلة المليء بالعمل والتضحيات من اجل الوطن. فجدي سالم السالم، رحمه الله، كان صاحب شركة مقاولات، وهي تلك التي تولت بناء منطقة الأحمدي النفطية من مكاتب ومساكن، كما كان لديه مكائن لتصنيع الطابوق. ويعد الوالد بدر السالم، بحكم وظيفته كمهندس قدير، مصمما ومنفذاً لمنطقة القرين السكنية وبنك الدم المركزي. بالإضافة إلى العم ناصر السالم، إحدى مؤسسين شركة البترول الوطنية العالمية، والذي يرجع له الفضل مشكورا في تغيير مسار الشركة إلى الاتجاه البيئي خدمة للبلد، بهدف التطوير واحداث نقلة نوعية للكويت وسط دول العالم المتقدم.
لقد ترعرعنا في دولتنا الكويت في ظل ثرواتها التي وفرت لنا الحياة المليئة بالكرامة والأمان. لذلك فإن قبول التحدي والاصرار على النجاح كان نابعا من أن الواجب يحتم تقديم كل ما استطعت الى الكويت. وأطمح حاليا في تعزيز دور الكويت كدولة رائدة في مجال النفط والحفاظ على البيئة. ونسعى أيضاً لتقديم المزيد من الجهد والعمل من أجل الحفاظ على ثروة الكويت وقدوتنا الهيئة العامة للبيئة والديوان الأميري الذي أمر بتشكيل المحميات العديدة والبرامج التوعوية السباقة التي تشمل وتحمي وترعى العديد من أصناف الكائنات البرية والأشجار والنباتات النادرة.